الورع حزم واحتياط لفعل ما يتوهم من المصالح وترك ما يتوهم من المفاسد ، وأن تجعل موهومتها كمعلومتها عند
الإمكان فكل فعل تحققت مصلحته فهو واجب أو مندوب أو مباح ، فإن تردد بين الواجب والندب أو الواجب والمباح أتى به على صفة الواجب تحصيلاً لما
يتوهم من مصلحة الإيجاب ، وإن تردد بين المندوب والمباح أتى به على صفة المندوب تحصيلاً لما يتوهم من مصلحة الندب ، وكل فعل تحققت مفسدته فهو
حرام أو مكروه أو معفو عنه لجهل أو غفلة أو نسيان فإن تردد بين المحرم والمكروه ، أو بين المحرم والمباح ، أو بين المكروه والمباح ، فالورع اجتنابه
،
دفعاً لما يتوهم من مفسدة المكروه أو الحرام ، وكل فعل توهمنا اشتماله على مصلحة ومفسدة فإن كنت مصلحته أرجح من مفسدته فالورع في فعله تنزيلاً
للموهوم منزلة المعلوم ، فإن كانت مفسدته أرجح من مصلحته فالورع في تركه تنزيلاً للموهوم منزلة المعلوم ، فإن استوت مصلحة ومفسدة احتمل أن يقال :
لا ورع فيه تنزيلاً للموهوم منزلة المعلوم ، ولو اختلط ما تمحصت مصلحته – أو رجحت على ما تمحصت مفسدته ، أو رجحت ، فإن غلب ما تمحصت
مصلحته – كما أو اختلط أخته من الرضاع بأهل بلدة ، أو درهم محرم بدراهم بلد أو شاة محرمة بشاة بلد فذاك حلال بين ، وإن غلب ما تمحصت مفسدته كما
لو اختلط درهم حلال بألف حرام ، أو شاة حلال بألف حرام فحرام بين ، وكذلك أو اختلط العدد اليسير بمثله كاختلاط ثلاثة أثواب طاهرة بثلاثة أثواب نجسة
، وإن اختلط عدد كثير بعدد كثير – كما لو اختلط حمام بلد مملوك بحمام بلد مباح – فقد اختلفت في تحريمه ، وكلما كثر الحلال خف الورع ، وكلما كثر
الحرام تأكد الورع ، والرجوع في ذلك إلى ما يجده المكلف من نفسه وقد قال ئد دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » .
المصدر: الشيخ عز الدين بن عبد السلام السلمي – شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال – ص 320